الطب في الأمارات
نبــذه
المنطقة التي تقوم عليها دولة الإمـارات العربية المتحدة اليوم كانت في السابق عبارة عن إمارات أو مشيخات سبع ( أبوظبي - دبي - الشارقة - عجمان - أم القيوين - رأس الخيمة - الفجيرة ) وهي من حيث طبيعتها الجغرافية تمثل ساحلاً ممتـداً على الشاطئ الغربي للخليج العربي وخليج عُمان، وكانت تعتبر في السابق امتداداً الساحل عُمـان .
وقد شهدت هذه المنطقة تنافسا استعمارياً حولها ، بين كل من البرتغاليين والهولنديين والفرنسيين والبريطانيين.
بـدأ بالتنافس البرتغالي عليها في عام 1508م ثم الصراع الهولندي البريطاني حول المنطقة في عام 1766م وانتهى الوجود الفرنسي فيها عام 1901 وبذلك أصبحت بريطانيا القوة الوحيدة المهيمنة على المنطقة بعـد قضائها على قوة القواسم في عام 1819م . واستمر الاستعمار البريطاني قرابة (150) عاماً بعد ذلك . حيث كانت المنطقة في هذه المرحلة تعيش حالة من العزلة عن ما يجـري حولهـا من أحـداث .
وخـلال فترة السيطرة البريطانية حاولت الحكومة البريطانية تهيئة الأوضاع في المنطقة بالشكل الذي يتفق وتسهيل عملية إدارتها لها ورعايـة مصالحها فيها ، وذلك بـدءً بعقد الاتفاقيات الثنـائية مع حكام المنطقة التي عرفت باسـم ( معاهدة الحماية ) مروراً بعقد بعض الاتفاقيات المنظمة لعـلاقة الحكام ببعضهم البعض وتلك المنظمة لعملية إدارة الموارد – رغم قلتها – كالاتفاقيات الخاصة بالملاحة والغوص على اللؤلؤ ثم تتويجها باتفاقيات البترول فيما بعد . غير أن تسهيل المهمة البريطانية في المنطقة لم يقف عند حد هذه المعاهدات بل امتـد ليشمل أحـداث بعض التطوير على مستوى المنطقة كشق الطـرق ، وإقامة المطارات لتسهيل عملية الانتقال فيما بين هذه الإمارات ، وتبع ذلك توفير بعض الخدمات البريدية والإعلامية . وإن بقـي ذلك على نطاق محدود وبالقدر الذي يفـي باحتياجات القائمين على إدارة المصالح البريطانية في هذه الإمـارات . وقد استوجب ذلك بالطبع إيجـاد جهة أو مؤسسة مسئولة أو منوط بها مهمة الإشراف على هذه الخدمات وتوفير النفقات التي تحتاجها وكان ذلك عاملاً أساسياً وراء إنشـاء مكتب التطوير الذي قامت بريطانيا بإنشائه ودعت الإمارات للمساهمة فيه مالياً وإدارياً ليكون الجهة الموكل إليها إحداث التطوير في أي مجال وفي الوقت الذي تبدو فيـه الحاجة لإحـداثه .
ومما هو جدير بالذكر أيضاً أن الحكومة البريطانية قد أعطت الأولوية لمجال الخدمات الصحية مقارنة بالخدمات الأخرى . وذلك لك،ون الحاجة إلى إدخال الخدمات الصحية المتطورة بدت أكثر إلحاحاً مقارنة بالحاجة للخدمات الأخرى نظـراً لانتشار بعض الأوبئة وحاجة الأهالي والحكام في الوقت ذاته لتوفير العلاج كما سيرد ذكره فيما بعـد . هذا إلى جانب الإشارة إلى أن بدايات الخدمات الطبية في مجتمع الإمارات قد أدخلت بواسطة جهات أجنبية أخرى ضمن حملات التبشير التي وفدت إلى المنطقة منذ عام (1902)م . وبالتأكيد من جهة أخرى على دور أبناء المنطقة في دفع مسيرة الخدمات سواء بطلبهم للعـلاج أو بمشاركتهم فيـه .
طــرق ممارسة الطب قديمـاً
وقد يكون من المفيد هنا التطرق لبعض المعالجات التي تعارف عليها أبناء الإمـارات ، والتي ترجع في أصولها إلى الطب العربي سواء بشقه المكتسب من الخبرة الإنسانية في هذا المجال أو تلك المسّقاه من الخبـرة الإسلامية .
أ – التجبير :- أي العمل على معالجة الكسور (كسور أو شروخ العظام أو انفصالها ) وهي مبنية على علم تشريح العظام وعلى الخبرة في معالجتها ، وهذا النوع من الممارسات لا شك أنه مبني على أصول علمية مستقاة من الخبرة الإنسانية والعربية في مجال التشريح وعلاج أمراض وحوادث العظام من كسور وغيرها .
ب- علاج الجروح والتضميد :-
وهو فرع من فروع علم الطب ، وقد اكتسب أهالي المنطقة الخبرة فيه نتيجة ما توارثوه من معالجات حول هذا الموضوع وما انتهت إليه خبرتهم اليومية في هذا المجال نتيجة معايشة الإنسان اليومية لمثل هذه الحالات ، وحاجته إلى علاجها ، الأمر الذي دفع به إلى اكتشاف العديد من الوصفات التي كان للكثير منها نتـائج إيجابية في هذا المجال كعلاج الجروح بالملح ( مطهر وقابض للنـزف) وكذلك علاجها باللبان العربي كمادة قابضة أو لاصقة .
ج- علاج التقـرح :- (أي القراح المزمنة التي تنتشر في بعض الأجزاء من جسم الإنسان ) عن طريق الوصفات المطهرة والقاتلة للبكتيريا أو الفطريات ، حيث تعمل المادة المطهرة على شفاء هذه القروح . ومن هذه الوصفات (الخيلة والزعتر والملح ) والخيلة والزعتر نباتـات استخدمت بكثرة في الطب العربي إذ استخدمت هذه الوصفات أيضاً لعلاج العديد من الأمراض كأمراض البطن بصفة عامـة .
د – الحجـامة :- وإلى جانب المعالجات السابقة فقـد تم اسـتخدام الحجامة وهي – كما يعتقد مستخدموها – وسيلة لإخراج الدم الفاسد أو الزائد في جسم الإنسان وشفطه عن طريق استخدام أداة لشـفط الدم وتجميعه في أماكن معينة من جسم الإنسان كمؤخرة الرأس أو كاحل الرجلين أو بطن السـاق أو الفخذ أو تحت الذقن أو ظاهر القدم أو أسفل الصدر ، والأداة المستخدمة في الحجامة هي عبارة عن قرن حيوان ، حيث يجرح الموضع الذي تم فيه حبس الدم وتجميعه وتركه ينزف حتى يتم تفريغ الدم المتجمع – وقد تستغرق عملية شفط الدم قرابة عشر دقائق – وبعدها يقوم المعالج بمداواة الجرح من خلال كث الرماد عليه .
والحجامة وسيلة لعلاج بعض الآلام التي يعتقـد بأن سببها هو تجمع دم فاسد أو زائـد عند موضع الألم . وهذه الوسيلة في العلاج مستقاة من الطب النبوي ، حيث روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يؤكد جدوى العلاج بالحجامة .
الحجــام : هو الذي يمارس الحجامة وهي استخراج الدم الفاسد من الجسم وكثيراً ما يمارس هذه المهنة الحلاقون باعتبار أن الحجامة مهنة موسمية .
الجــراح : هو المتخصص في معالجة الجروح بالأدوية والمركبات الطبية . وهناك جراحون متخصصون في علاج أنواع مختلفة من الجروح الخفيفة أو العميقة .
الكحـال : هو بائع الكحل ، ومستلزمات الجمال كالحناء والعود والبخور والعطور . كما أنه يعالج العيون الرمداء من الأمراض ، ويصف لها الدواء المناسب .
المسـاح : الذي يعالج بواسطة المسح أو التدليك باليد على موضع الألم. وفي مجتمع الإمارات التقليدي رجال ونساء تتوفر لديهم مهارات معينة في المسح.
المرفـع : الترفيع وهي (القمز) أو (الدغر) طريقة شعبية لعلاج اللوزتين .وهناك (المرفعون) خاصة من (الحريم) النساء . لأن الترفيع عادة ما تمارسها المرأة التي يطلق عليها ( المرفعة) .
الدايـة : الداية وهي (القابلة) المرأة التي تعالج النساء وتشرف على ولادتهن وتعالج المولود حديث المولد فتعمل له الأدوية وتقوم على رعايتـه .
المشعوذون والسحرة : توجد فئـة من المشعوذين والسحرة في مجتمع الإمارات التقليدي . وهم دخلاء على المجتمع وكانوا يمارسون بعض الأعمال السحرية مثل ( الزار- الحروز – السحر ) إلى جانب عمل وصفات سحرية لحالات الصرع والجنون ، وهؤلاء طبقة منبوذة في المجتمع .
وإلى جانب تلك الفئات من المعالجين فقد كان الآبـاء والأمهات يمارسون أيضاً علاج الأبناء والأحفاد , ولكن في حدود ضيقة . ومن عادة الأهالي في السابق احتفاظهم بأنواع معينة من النباتات والأعشاب الطبية وبعض المركبـات مثل الثمـول والصـدر والطبيخة التي يستخدمونهـا في وقـت الحاجة . وقديمـاً تمارس ( العجوز) أو ( الجدة) التطبيب في حالات معينة وتتولى حفظ العقاقير في ( السحارة) وتوضع هذه السحارة في ( البخار) وهو المخزن أو المستودع .
العطارة و العطارين
يطلق على بائع الأدوية والإعشاب الطبية "العشّاب" نسبة إلى الأعشاب الطبية التي يقوم بإعدادها. وفي العصور الإسلامية نشأ ما يسمى بـ" العشابين" وهم الذين يستخدمون الأعشاب للتداوي ، وبائع الأعشاب الطبية في الإمارات قديماً هو "العطار".و"سوق العطارة " هو الذي تباع فيه العطور والأدوية والمستحضرات. وكان أبناء الإمارات قديمـاً ينظرون إلى العطار الذي يبيع الأعشاب والمركبات الطبية نظرة تقدير واحترام لما له من جهود في تحضير وبيع الأدوية وتمارس مهنة العطار في الإمارات بواسطة بعض الأشخاص الذين تتوفر فيهم الدراية والخبرة والمعرفة في هذا المجال. ومن أشهر العطارين في الإمارات أولاً: من مدينة العين (محمد بن عبدالله بن علي- علي بن عبدالله المقبالي )، ثانياً : من دبي ( أحمد بن حسين بن علي، محمد عبدالرضا غلوم). ثالثاً: مدينة رأس الخيمة (غلوم حسين) وشخص آخر يقال له (حسين غلوم) .
وكان دكان (غلوم حسين) يقع في مدينة رأس الخيمة القديمة جهة الشمال وفي موقع السوق القديم، وقد كان غلوم حسين قبل 40سنة يمارس هذه المهنة حتى وفاته في عام 1977م .
وكان العطار الذي يطلق عليه اسم (الحواج)، يقوم بشراء الأعشاب والنباتات والعقاقير الطبية التي لا تتوفر في البيئة عن طريق تجار الجملة الذين تخصصوا في تجارة الأعشاب ، حيث يقوم تجار الأعشاب بالبحث عنها في مختلف العالم ثم يأتون بهـا لتباع في الأسـواق .
رمضآن كريمــــــــ
قبل 14 عامًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق